الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دعت ربها ألّا تنجب أبدًا، ولم تحمل رغم عدم وجود سبب طبي

السؤال

عمري 24 عامًا، متزوجة من رجل صالح منذ خمس سنوات. في الشهر الأول من الزواج، سكنّا في قرية صغيرة، وكان عدد كبير من أطفالها من ذوي الاحتياجات الخاصة بسبب زواج الأقارب - عافانا الله وإياهم.
كان هناك طفل صغير مصاب بمتلازمة داون، أحببته كثيرًا. وحدث أن فتاة تبلغ من العمر نحو 14 عامًا قالت لي: "بتحبّيه، مو؟ الله يرزقك واحد متله."
لم أعرف: هل كان دعاؤها بسوء، أم بنيّة طيبة؟
وفي الشهر نفسه، ومن خوفي من استجابة دعائها، دعوتُ الله قائلة: "إن كان نصيبي طفلًا غير سليم، فأسألك ألّا أنجب أبدًا." ومنذ ذلك الوقت، لم أنجب، رغم كثرة التحاليل وعدم وجود سبب طبي واضح (عقم غير مبرر حتى الآن). فهل يُحتمل أن يكون الله قد استجاب لذلك الدعاء؟ كنت ساذجة حينها، ولم أفكر في تبعات هذا السؤال. فماذا أفعل؟ وكيف أصبر على عدم الإنجاب؟
جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يلزم أن يكون عدم إنجابك استجابة لذلك الدعاء، بل قد يكون مجرد ابتلاء، فالله -عزَّ وجلَّ- يبتلي عباده اختبارًا لهم وامتحانًا، ليعلم الصابرين من غيرهم، قال سبحانه: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [الأنبياء: 35].

ومن أفضل ما يتسلى به المرء عند البلاء هو الصبر، فعاقبته خير، وسبق بيان بعض فضائل الصبر في الفتوى: 18103.

وإضافة للصبر، عليك بالدعاء، فإن الدعاء من أفضل ما يتحقق به المبتغى، وقد قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة: 186].

ومن أسباب الإنجاب: كثرة الاستغفار، كما في قوله -عزَّ وجلَّ- عن نبيه نوح عليه السلام: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا [نوح: 10-12]. وقد ضمّنّا الفتوى: 5249، بعض الأمور التي تعين على تجاوز الابتلاء والمصائب.

وننبه إلى أن الشرع قد جاء بالنهي من أن يدعو المسلم على نفسه، فقد يستجاب، ويكون عاقبة ذلك الندم، روى مسلم عن جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني