الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرق وخوف خاصة أثناء البلع..ما تشخيص ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أثابكم الله على جهودكم.

استيقظتُ من النوم ذات يوم لأني لم أستطع البلع، وكأن شيئًا ما يمنعني منه، فذهبت إلى المستشفى، فأخبروني أن لديّ بداية التهاب.

مكثتُ أسبوعين وأنا أعاني من الأرق والخوف، وخصوصًا أثناء البلع، لا أعلم لماذا، لكنني بدأت أشعر بألم أو بشيء ما يصعد من أعلى ظهري ويمتد إلى رأسي، ثم ينتشر، فأشعر حينها بأنني لا أستطيع البلع، وكان الأمر يشبه نوبة فزع، لكنها ليست كذلك تمامًا، بل شعور مختلف.

خلال فترة مرضي، بلغني خبر مزعج، فبكيت، وبعد بكائي شعرت بتنميل في يدي اليسرى، وأحسست بشدّ في رأسي، ولم أتمكن من النوم، وفي اليوم التالي، بكيت مجددًا من صعوبة البلع، وبدأ التنميل يصل إلى وجهي وأنفي، حتى إنني لم أعد أشعر بهما، وكذلك وصل إلى أطرافي.

أصبحت أنزعج من بعض الأصوات، حتى عندما يأكل أحد بجانبي، أو يصدر صوتًا بفمه كالتصفير، أشعر بانزعاج شديد.

ذهبت إلى طبيب نفسي، فشخّص حالتي بأنها توتر، ووصف لي دواء (لوسترال)، وبعد تناوله، بدأتُ أشعر برائحة غريبة، وجفاف في الأنف، والهواء يدخل إليه بقوة؛ مما سبب لي دوخة بسيطة.

كما أصبحت أضواء السيارات وأصواتها تزعجني، وأُغلق نوافذ السيارة حتى لا يدخل الهواء إلى أنفي، وعندما أُغطي وجهي أو أُغلق عينيّ، أشعر بالكتمة وضيق في التنفس، وكأنني سيغمى عليّ، وأشعر أيضًا بثقل في عيني اليسرى، وآلام غير مستمرة في الجانب الأيسر من رأسي.

عدتُ إلى طبيب نفسي استشاري، وأحضرت له الدواء السابق، فقام بإضافة دواء آخر (ليكسوتانيل)، وطلب مني استخدامه لمدة أسبوعين.

غدًا هو آخر يوم لي مع هذا الدواء، لكنني الآن خائفة من إيقافه، لأني بعد أن أوقفتُه ليوم واحد وذهبتُ إلى الجامعة لتقديم الامتحان، التقيت بصديقة قالت لي شيئًا أزعجني كثيرًا، فشعرتُ بتنميل في جسدي بالكامل، ولم أعد أستوعب ما حولي، ولا أعلم لماذا حدث ذلك، والآن أشعر بأن لساني فيه شيء من التنميل، وكأنني مرّرت عليه أسناني.

أرجوكم طمئنوني، فأنا خائفة جدًّا، طمئنوني طمأن الله قلوبكم، وسأدعو لكم من قلبي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد وصلتني رسالة مشابهة لرسالتك، وأحسب أنها هي نفسها مع تغيير في بعض الكلمات، وعلى كل حال، أود أن أؤكد لك أن حالتك هي في الأصل حالة قلق وتوتر نفسي، يظهر في صورة أعراض جسدية أكثر من كونه يظهر في شكل أعراض نفسية مباشرة.

عدم القدرة على البلع الذي عانيتِ منه هو نوع من الغصّة الشديدة الناتجة عن انقباضات عضلية حادة في الحلق، وهي من الأعراض المعروفة في حالات القلق، وتدل على وجود توتر نفسي داخلي، ويبدو أنك تملكين استعدادًا أصليًا للقلق والتوتر، وربما الوساوس كذلك.

أما الأعراض الأخرى التي ذكرتِها، مثل التنميل في اليد اليسرى، والشدّ في الرأس؛ فهي من صميم أعراض القلق النفسوجسدي، الذي يُعد المكوّن الرئيسي لما تعانين منه.

كذلك فإن اضطرابات النوم التي تواجهينها هي نتيجة حتمية لهذا القلق النفسي، وكثرة التفكير والانشغال. أؤكد لك أن هذه الحالة ليست أكثر من حالة قلق نفسي، وأن ما تعانينه، مثل شعورك بأن الهواء يدخل إلى أنفك بقوة، أو شعورك بالدوخة، ما هو إلا أعراض نفسوجسدية، ولا تدعو إلى القلق الكبير.

عدم التردد المستمر على الأطباء أمر ضروري؛ فذلك قد يعزّز القلق، ومحاولة تجاهل الأعراض بقدر ما تستطيعين وعدم تضخيمها داخليًّا أمر مفيد، كما أن الانتظام على ممارسة الرياضة، وتمارين الاسترخاء، يمكن أن يساعدك كثيرًا، ويمكنك الحصول على كتيب، أو مقطع صوتي يساعدك على تعلّم كيفية ممارستها بشكل صحيح.

الدواء الذي وصفه لك الطبيب في البداية، وهو (لوسترال، Lustral)، ويُعرف علميًا باسم (سيرترالين، Sertraline)، هو دواء جيد وفعّال في مثل حالتك، ولكنك لم تتحمّليه بدعوى أنه سبب لك رائحة غريبة في الأنف، وهذا عرض غير شائع علميًا، لكنه ممكن الحدوث من حيث التفاعل الفردي.

أما الدواء الآخر الذي تم وصفه لك، وهو (ليكسوتانيل، Lexotanil)، ويُعرف علميًا باسم (برومازيبام، Bromazepam)، فهو دواء فعّال في إزالة القلق والتوتر وتحسين النوم، لكنه يُستخدم لفترات قصيرة فقط؛ لأنه قد يُسبب التعود؛ لذلك لا يُفضَّل تناوله لأكثر من أسبوعين.

أنصحك باستخدام دواء يُعرف تجاريًّا باسم (سيبرالكس، Cipralex)، وعلميًّا باسم (اسيتالوبرام، Escitalopram)، وهو من الأدوية الفعالة والآمنة في علاج القلق والتوتر والمخاوف، ويتميّز بقلة آثاره الجانبية مقارنة بدواء لوسترال، أما طريقة تناوله فهي كالتالي: ابدئي بجرعة 5 ملغ يوميًّا -أي نصف قرص من عيار 10 ملغ- لمدة أسبوعين، بعد ذلك، زيدي الجرعة إلى 10 ملغ يوميًّا -قرص كامل-، ويفضّل تناوله بعد الطعام، في أي وقت يناسبك من اليوم، استمرّي على هذه الجرعة لمدة 6 أشهر كاملة، ثم خفّضي الجرعة إلى 5 ملغ يوميًّا لمدة أسبوعين، بعد ذلك، تناولي 5 ملغ يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين إضافيين، ثم خفّضي الجرعة إلى 5 ملغ مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة أسبوعين، ثم يمكنك التوقف عن تناوله تمامًا.

بهذه الطريقة، يتم استخدام الدواء بشكل تدريجي وآمن، بدءًا من الجرعة التمهيدية، مرورًا بجرعة العلاج، وانتهاءً بمرحلة التوقف التدريجي لتجنّب أي أعراض انسحابية، ويتميّز السيبرالكس بأنه لا يُسبب الإدمان، ولا يؤثر على الهرمونات الأنثوية، وآمن على المدى الطويل.

بهذا نكون قد قدمنا لكِ خطة دوائية متدرجة، جرعة البداية، وتليها جرعة العلاج، ثم جرعة الوقاية، وأخيرًا التوقف التدريجي عن الدواء.

نشكر لك تواصلك مع موقع إسلام ويب، ونسأل الله أن يمنّ عليك بالشفاء التام والعافية الدائمة، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً