الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع صديقتي وقد ردت هديتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي صديقة عزيزة، وأحببت أن أهديها هدية بحكم أنها صديقتي، وبحكم أنني لن أكون معها مجدداً خلال السنة الآتية، فأحببت أن أهديها هدية بسيطة، ولكن هي لم تتقبلها مني، وما أزعجني سؤالها: ما المناسبة؟ جرحتني حقاً عندما أعادتها لي، فهل أنا مخطئة؟ وهل عدم نسيان الإساءة يعتبر دليلاً على سواد القلب؟

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

إن الهدية تسل السخيمة، وتجلب المحبة، وهي بمعانيها، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبلها ويكافئ عليها، ولا تحتاج إلى مناسبة لكونها دليلاً على الحب، وقد اعتاد بعض الناس أن يجعلها في المناسبة، وهذا ليس بلازم، وتكون معبرة جداً عندما تعطى من غير تكلف؛ لأنها تدل على أن المهدى إليه يتذكر من قدم له الهدية، وقد أدبنا الشرع الحنيف بأن لا نتردد في تقديم الهدية مهما كانت قيمتها، ونوعها، وأدبت الشريعة من تقدم له الهدية بأن يقبلها ويظهر الفرح بها، مهما كانت قيمتها، ومما يدل على هذه المعاني قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا نساء المسلمات! لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة)، والناس لم يعتادوا بمثل ظلف الشاة، ولكن هذا لون من الأدب للجميع.

أرجو ألا تحزني لما حصل؛ لأن الناس لم يألفوا ما عندك من الوفاء، ويكفي أن توضحي لها قصدك، وأعلني لها عن رغبتك في استمرار الدعاء والذكريات الطيبة، كما أرجو أن تلتمسي لها العذر؛ لأن بعض الناس يظن أن الهدية قدمت له لأنه محتاج، وفقه الهدية خلاف هذا، فقد يقدم الفقير هدية للغني، وعليه أن يقبلها ويكافئ عليها ولو بالدعاء.

هذا وليعلم أنه لا ينبغي رد الهدية؛ لأن في ذلك كسراً للخاطر، كما أنه لا يجوز لمن أعطي هدية أو هبة أن يطلبها مرة أخرى، وحتى عندما يكون هناك سبب شرعي لرد الهدية فالواجب أن يوضح، وأن يطيب خاطر من قدم الهدية، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع الصحابي الجليل الصعب بن جثامة -رضي الله عنه- عندما قدم للنبي -صلى الله عليه وسلم- لحم صيد، فرده النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم قال له: (إنا لم نرده عليك إلا لأننا حرم).

أنت -ولله الحمد- لست مخطئة في تقديم الهدية، كما أن سلامة الصدر بضاعة غالية ومنزلة رفيعة، والمسلمة تعفو عمن ظلمها وتعطي من حرمها، وتصل من قطعها، وهذا كمال في الأخلاق، كان عليه رسولنا -صلى الله عليه وسلم-، وهو لنا جميعاً القدوة والأسوة الحسنة.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وأرجو أن تحافظي على هذا التميز، ومرحباً بك في موقعك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً